الّتي ولدتم عليها في الانفراد. أو حال ثانية إن جوّز التعدّد فيها. أو حال من الضمير في «فرادى» أي : مشبهين ابتداء خلقكم ، أي : تحشرون عراة حفاة غرلا بهما ، كما وقع في الحديث. والغرل (١) : هم القلف. والبهم هم الّذين لا نطق لهم أصلا. أو صفة مصدر «جئتمونا» أي : مجيئا كما خلقناكم أوّل مرّة.
(وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) ما تفضّلنا به عليكم في الدنيا ، فشغلتم به عن الآخرة (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) ما قدّمتم منه شيئا ، ولم تحتملوا نقيرا (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ) في استعبادكم (شُرَكاءُ) أي : شركاء الله في ربوبيّتكم واستحقاق عبادتكم.
(لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) أي : تقطّع وصلكم ، وتشتّت جمعكم. والبين من الأضداد ، ويستعمل للفصل والوصل : وقيل : هو الظرف أسند إليه الفعل على الاتّساع. والمعنى : وقع التقطّع بينكم. ويشهد له قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم بالنصب على إضمار الفاعل ، لدلالة ما قبله عليه. أو أقيم مقام موصوفه ، وأصله : لقد تقطّع ما بينكم. وقد قرئ به. (وَضَلَّ عَنْكُمْ) ضاع وبطل (ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أنّها شفعاؤكم ، أو أن لا بعث ولا جزاء.
(إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ
__________________
(١) غرل الصبيّ : لم يختن ، فهو أغرل ، وجمعه : غرل. والغرلة : القلفة ، وهي جلدة عضو التناسل.