على جهالة بالله وبما يجب أن يذكر به. وقرأ يعقوب : عدوّا بضمّ العين وتشديد الواو. ويقال : عدا فلان عدوا وعدوّا وعداء وعدوانا.
قال ابن عبّاس : لمّا نزلت : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (١).
قال المشركون : لتنتهي عن سبّ آلهتنا أو لنهجونّ إلهك ، فنزلت.
وقيل : كان المسلمون يسبّونها فنهوا ، لئلّا يكون سبّهم سببا لسبّ الله.
وفيه دليل على أنّ النهى عن المنكر الّذي هو من أجلّ الطاعات إذا علم أنّه يؤدّي إلى زيادة الشرّ ينقلب معصية ، فصار النهي عن ذلك النهي من جملة الواجبات.
وسئل أبو عبد الله عليهالسلام عن قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّ الشرك أخفى من دبيب النمل على صفوانة (٢) سوداء في ليلة ظلماء ، فقال : كان المؤمنون يسبّون ما يعبد المشركون من دون الله ، وكان المشركون يسبّون ما يعبد المؤمنون ، فنهى الله عن سبّ آلهتهم لكيلا يسبّ الكفّار إله المؤمنين ، فيكون المؤمنون قد أشركوا من حيث لا يعلمون.
(كَذلِكَ) أي : مثل ذلك التزيين (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ) من أمم الكفّار (عَمَلَهُمْ) أي : خلّيناهم وسوء ما عملوا ، ولم نمنعهم حتّى حسن عندهم عملهم السيّء ، أي : أمهلنا الشيطان حتّى زيّن لهم. أو زيّنّاه في زعمهم وقولهم : إنّ الله أمرنا بهذا وزيّنه لنا. ولا يجوز التزيين على المعنى الحقيقي لقبحه ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
(ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) فيوبّخهم عليه ويعاتبهم ويعاقبهم عليه.
__________________
(١) الأنبياء : ٩٨.
(٢) الصفوان : الصخر الأملس.