(شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) مردة الفريقين. وهو بدل من «عدوّا» ، أو أوّل مفعولي «جعلنا» ، و «عدوّا» مفعوله الثاني ، و «لكلّ» متعلّق به أو حال منه.
(يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) يوسوس ويلقي خفية شياطين الجنّ إلى شياطين الإنس ، أو بعض الجنّ إلى بعض ، وبعض الإنس إلى بعض (زُخْرُفَ الْقَوْلِ) ما يزيّنه ويموّهه من القول والإغراء على المعاصي. يقال : زخرف القول إذا زيّنه ، أي : الذي يستحسن ظاهره ، ولا حقيقة له ولا أصل.
(غُرُوراً) خدعا وأخذا على غرّة. وهو مفعول له ، أو مصدر في موقع الحال.
وعن مالك بن دينار : أنّ شيطان الإنس أشدّ عليّ من شيطان الجنّ ، لأنّي إذا تعوّذت بالله ذهب شيطان الجنّ عنّي ، وبعض الإنس يجيئني فيجرّني إلى المعاصي عيانا.
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) أي : ما عادوك ، أو ما أوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول ، بأن يكفّهم عنه اضطرارا وإلجاء ، ولا يخلّيهم وشأنهم (فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) أي : دعهم وافتراءهم الكذب ، فإنّي أجازيهم وأعقابهم. أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يخلّي بينهم وبين ما اختاروه ، ولا يمنعهم منه بالقهر تهديدا لهم ، كما قال : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (١) ، دون أن يكون أمرا واجبا أو ندبا.
(وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) عطف على «غرورا» إن جعل علّة ، وإلّا يتعلّق بمحذوف ، أي : وليكون ذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّا. ولا يجوز أن يكون اللام للعلّة ، لأنّه تعالى لا يجوز أن يريد إصغاء القلوب في الكفر ووحي الشياطين ، بل اللام لام الصيرورة والعاقبة ، كما في قوله :
__________________
(١) فصلت : ٤٠.