الأخبار ، أو للتفاوت في الرتبة ، كأنّه قيل : ذلكم وصّاكم به قديما وحديثا ، ثمّ أعظم من ذلك أنّا آتينا موسى الكتاب. وقيل : هو عطف على ما تقدّم من قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) (١).
(تَماماً) للكرامة والنعمة (عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) على كلّ من أحسن القيام به ، أي : من كان محسنا صالحا ، يريد به جنس المحسنين. أو على الّذي أحسن تبليغه ، وهو موسى. أو تماما على ما أحسنه موسى من العلم والشرائع ، من : أحسن الشيء إذا أجاد معرفته ، أي : زيادة على علمه إتماما له.
(وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) وبيانا مفصّلا لكلّ ما يحتاج إليه في الدين. وهو عطف على «تماما». ونصبهما يحتمل العلّة والحال والمصدر.
(وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ) لعلّ بني إسرائيل (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) أي : بلقائه للجزاء.
(وَهذا) يعني : القرآن (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) كثير النفع في الدارين (فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بواسطة اتّباعه ، وهو العمل بما فيه.
(أَنْ تَقُولُوا) علّة لـ «أنزلناه». والخطاب لأهل مكّة ، أي : أنزلنا القرآن كراهة أن تقولوا يا أهل مكّة : (إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) اليهود والنصارى.
وإنّما خصّهما بالذكر من بين الكتب السماويّة لشهرتهما وظهور أمرهما ، أي : أنزلنا القرآن عليكم لنقطع حجّتكم. (وَإِنْ كُنَّا) «إن» هي المخفّفة ، ولذلك دخلت اللام الفارقة في خبر «كان» ، والهاء ضمير الشأن ، أي : وإن الشأن كنّا (عَنْ دِراسَتِهِمْ) قراءتهم (لَغافِلِينَ) لا ندري ما هي ، ولم ينزل علينا الكتاب كما أنزل عليهم ، لأنّهم كانوا غيرنا ، ولو أريد منّا ما أريد منهم لأنزل الكتاب علينا كما أنزل عليهم.
(أَوْ تَقُولُوا) عطف على الأوّل (لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ
__________________
(١) الأنعام : ٨٤ ، ومضى تفسيرها في ص : ٤٢٣.