بطلان أفعال المشركين ، فقال : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا) فأشركه في عبادتي. وهو جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم. والهمزة للإنكار ، أي : أنا منكر أن أبغي ربّا غيره. (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) حال في موضع العلّة للإنكار والدليل له ، أي : وكلّ ما سواه مربوب مثلي لا يصلح للربوبيّة ، ونحوه : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) (١).
(وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) أي : لا تكسب كلّ نفس جزاء كلّ عمل من طاعة أو معصية إلّا عليها ، فعليها عقاب معصيتها ، ولها ثواب طاعتها. ووجه اتّصالها بما قبلها أنّ المراد أنّه لا ينفعني في ابتغاء ربّ غيره ما أنتم عليه من ذلك.
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وهذا جواب عن قولهم : (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) (٢). والمعنى : لا تؤخذ نفس غير آثمة بإثم نفس أخرى. وفيه دلالة على فساد قول المجبّرة : إنّ الله يعذّب الطفل. بكفر أبيه. (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) مآلكم يوم القيامة (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) بتبيين الرشد من الغي ، وتمييز المحقّ من المبطل.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) يخلّف كلّ عصر أهل العصر الّذي قبله ، يجري ذلك على انتظام واتّساق إلى يوم القيامة. أو خلفاء الله في أرضه تتصرّفون فيها ، على أنّ الخطاب عامّ. أو خلفاء الأمم السابقة ، على أنّ الخطاب لأمّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه خاتم النبيّين ، فخلّفت أمّته سائر الأمم.
(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) في الشرف والغنى. وقيل : في الصورة والعقل ، والمال والقوّة ، والعمر. (لِيَبْلُوَكُمْ) ليختبركم (فِي ما آتاكُمْ) من الجاه والمال ، كيف تشكرون نعمه؟ وكيف يصنع الشريف بالوضيع ، والغنيّ بالفقير؟ يعني : يعاملكم معاملة المختبر مظاهرة في العدل ، وانتفاء من الظلم ، أي : لينظر الغنيّ إلى
__________________
(١) الزمر : ٦٤.
(٢) العنكبوت : ١٢.