كتابا فيه معالم الدين والحكمة ، فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المص) أنا الله أعلم جميع الأمور والأحوال وأصدق في جميع الأقوال. وقيل : اسم السورة أو القرآن. وبواقي وجوه الحروف المقطّعة قد سبق (١) في سورة البقرة.
(كِتابٌ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو كتاب. أو خبر «المص». والمراد به السورة أو القرآن. (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) صفته (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) من تبليغه مخافة أن تكذّب فيه أو تقصّر في القيام بحقّه ، فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخاف تكذيب قومه له ، وإعراضهم عن قبوله ، وأذاهم له ، فكان يضيق صدره من الأداء ولا ينبسط له ، فآمنه الله تعالى ، وأمره بترك المبالاة بهم. أو المراد بالحرج الشكّ ، فإنّ الشاكّ ضيّق الصدر حرجه ، كما أنّ المتيقّن منشرح الصدر منفسحه. وتوجّه النهي إلى الحرج للمبالغة ، كقولهم : لا أرينّك هاهنا. والفاء تحتمل العطف والجواب ، فكأنّه قيل : إذا أنزل إليك لتنذر به فلا يحرج صدرك منه.
(لِتُنْذِرَ بِهِ) متعلّق بـ «أنزل» أو بـ «لا يكن» ، أي : أنزل إليك لإنذارك ، أو لا يكن في صدرك حرج لإنذارك ، لأنّه إذا أيقن أنّه من عند الله جسر على الإنذار ، وكذا إذا لم يخفهم ، أو علم أنّه موفّق للقيام بتبليغه.
(وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) يحتمل النصب على معنى : لتنذر به وتذكّر تذكيرا ، فإنّ الذكرى في معنى التذكير. والرفع على أنّه خبر مبتدأ محذوف ، أو عطف على «كتاب». والجرّ للعطف على محلّ أن «تنذر» أي : للإنذار وللذكر. وخصّ المؤمنين لأنّهم المنتفعون به.
ثمّ خاطب المكلّفين بقوله : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) يعمّ القرآن والسنّة ، لقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢). ويدخل في وجوب
__________________
(١) راجع ج ١ : ٣٦.
(٢) النجم : ٣ ـ ٤.