الأموال في الوجوه الباطلة ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ).
المراد بالأكل سائر التصرّفات. واختصاصها بالأكل لأنّه معظم المنافع ، ولأنّه في العرف يطلق الأكل على وجوه الإنفاقات ، يقال : أكل ماله بالباطل ، وإن أنفقه في غير الأكل.
والمراد بالباطل ما لم يبحه الشرع ، كالغصب والربا والقمار.
ومعناه : لا ينفق بعضكم أموال بعض بغير سبب مبيح شرعا.
(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) استثناء منقطع ، أي : ولكن كون تجارة عن تراض غير منهيّ عنه ، أو اقصدوا كون تجارة. و «عن تراض» صفة لـ «تجارة» ، أي : تجارة صادرة عن تراضي المتعاقدين. وتخصيص التجارة من الوجوه الّتي بها يحلّ تناول مال الغير ، لأنّها أغلب وأوفق لذوي المروءات. ويجوز أن يراد بها الانتقال مطلقا بأحد العقود السائغة.
وقرأ الكوفيّون : تجارة ، بالنصب على «كان» الناقصة وإضمار الاسم ، أي : إلّا أن تكون التجارة أو الجهة تجارة.
(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) بأن تقاتلوا الّذين لا تطيقونهم فيقتلوكم. أو بالبخع (١) ، بأن يقتل الرجل نفسه ، كما يفعله بعض الجهّال في حال غضب أو ضجر أو بارتكاب ما يؤدّي إلى قتلها.
وقيل : المراد بالأنفس من كان من أهل دينهم ، فإنّ المؤمنين كنفس واحدة ، كقوله عليهالسلام : «سلّموا على أنفسكم».
فالمعنى : لا يقتل بعضكم بعضا ، أو لا تقتلوا أنفسكم ، بأن تهلكوها بارتكاب الآثام ، والعدوان في أكل مال بالباطل ، وغيره من المعاصي الّتي بها تستحقّون العذاب ، فإنّه القتل الحقيقي للنفس.
__________________
(١) بخع نفسه : نهكها ، وكاد يهلكها من غضب أو غمّ.