أي : إن يأتكم. و «ما» زائدة. (رُسُلٌ مِنْكُمْ) من جنسكم (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) ذكر الشرط بحرف الشكّ في مقام الجزم لتنزيل المخاطب العالم بوقوع الشرط عقلا منزلة الجاهل ، لمخالفته مقتضى العلم. وضمّت إليها «ما» تأكيدا لمعنى الشرط ، ولذلك أكّد فعلها بالنون وجوابه. (فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ) فمن اتّقى التكذيب وأصلح عمله منكم (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) في الآخرة (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا) منكم (بِآياتِنا) بحججنا (وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها) عن قبولها (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) الملازمون لها (هُمْ فِيها خالِدُونَ) باقون على وجه الدوام. وإدخال الفاء في الخبر الأوّل دون الثاني ، للمبالغة في الوعد والمسامحة في الوعيد.
(فَمَنْ أَظْلَمُ) فمن أشنع ظلما (مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ممّن تقوّل عليه ما لم يقله (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) أو كذّب ما قاله. والمراد بالاستفهام الإخبار ، وإنّما جاء بصورة الاستفهام ليكون أبلغ. (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) ممّا كتب لهم من الأرزاق والأعمار. وقيل : الكتاب اللوح المحفوظ ، أي : ممّا أثبت لهم فيه.
(حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا) أي : ملك الموت وأعوانه (يَتَوَفَّوْنَهُمْ) يتوفّون أرواحهم. وهو حال من الرسل ، و «حتّى» غاية لنيلهم نصيبهم واستيفائهم له ، أي : إلى وقت وفاتهم ، وهي الّتي يبتدأ بعدها الكلام. والمستأنف هاهنا الجملة الشرطيّة.
والمعنى : حتّى إذا استوفوا أرزاقهم وآجالهم ، وجاءهم ملك الموت مع أعوانه.
(قالُوا) جواب «إذا» أي ، قال الرسل توبيخا لهم : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أين الآلهة التي كنتم تعبدونها؟ ولفظة «ما» وصلت بـ «أين» في خطّ المصحف ، وحقّها الفصل ، لأنّها موصولة.