والأمر المستحيل : لا أفعل كذا حتّى يشيب الغراب ، وحتّى يبيضّ القار (١). قال الشاعر :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي |
|
وصار القار كاللبن الحليب |
فتعليق الحكم بما لا يتوهّم وجوده ولا يتصوّر حصوله تأكيد له ، وتحقيق لليأس من وجوده.
(وَكَذلِكَ) ومثل ذلك الجزاء الفظيع (نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) المكذّبين بآيات الله تعالى.
روي عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال في هذه الآية : «أمّا المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم إلى السماء ، فتفتّح لهم أبوابها. وأمّا الكافر فيصعد بعمله وروحه حتّى إذا بلغ إلى السماء نادى مناد : اهبطوا به إلى سجّين ، وهو واد بحضر موت يقال له : برهوت».
وقيل : لا تفتّح لهم أبواب السماء لدخول الجنّة ، لأنّ الجنّة في السماء.
(لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) فراش (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) أغطية. والتنوين فيه للبدل عن الإعلال عند سيبويه ، وللصرف عند غيره. (وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) عبّر عنهم بالمجرمين تارة وبالظالمين أخرى ، إشعارا بأنّهم بتكذيبهم الآيات اتّصفوا بهذه الأوصاف الذميمة. وذكر الجرم مع الحرمان من الجنّة ، والظلم مع التعذيب بالنار ، تنبيها على أنّه أعظم الأجرام.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ
__________________
(١) أي : القير.