فقال : كيف أخرج وقد اجتمعوا حول داري؟
فوضع بين يديه عمودا من نور ، وقال : اتّبع هذا العمود ، ولا يلتفت منكم أحد.
فخرجوا من القرية. فلمّا طلع الفجر ضرب جبرئيل عليهالسلام بجناحه في طرف القرية فقلعها من تخوم الأرضين السابعة ، ثمّ رفعها في الهواء ، حتّى سمع أهل السماء نباح كلابهم وصراخ ديوكهم ، ثم قلبها عليهم. وهو قول الله عزوجل (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) (١). وذلك بعد أن أمطر الله عليهم حجارة من سجّيل ، وهلكت امرأته ، بأن أرسل الله عليها صخرة فقتلتها ، كما مرّ.
وقيل : قلبت المدينة على الحاضرين منهم ، فجعل عاليها سافلها ، وأمطرت الحجارة على الغائبين ، فأهلكوا بها.
وقال الكلبي : أوّل من عمل عمل قوم لوط إبليس الخبيث ، لأنّ بلادهم أخصبت ، فانتجعها (٢) أهل البلدان ، فتمثّل لهم إبليس في صورة شابّ ، ثمّ دعاهم إلى دبره فنكح في دبره ، ثمّ عبثوا بذلك العمل. فلمّا كثر ذلك فيهم عجّت الأرض إلى ربّها ، فسمعت السماء فعجّت إلى ربّها ، فسمع العرش فعجّ إلى ربّه ، فأمر الله السماء أن تحصبهم ، وأمر الأرض أن تخسف بهم.
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
__________________
(١) هود : ٨٢.
(٢) انتجع القوم الكلأ : ذهبوا لطلبه في مواضعه.