(كَذلِكَ) أي : مثل ذلك الطبع الشديد (يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ) فلا تلين شكيمتهم (١) بالآيات والنذر.
(وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ) لأكثر الناس ، والآية اعتراض. أو لأكثر الأمم المذكورين (مِنْ عَهْدٍ) من وفاء عهد ، فإنّ أكثرهم نقضوا ما عهد الله إليهم في الإيمان والتقوى ، بإنزال الآيات ونصب الحجج. أو ما عهدوا إليه حين كانوا في ضرّ ومخافة ، مثل : (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٢).
(وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ) أي : وإن الشأن علمناهم (لَفاسِقِينَ) خارجين عن الطاعة ، من : وجدت زيدا ذا الحفاظ ، لدخول «إن» المخفّفة واللام الفارقة ، وذلك لا يجوز إلّا في المبتدأ والخبر ، والأفعال الداخلة عليهما. وعند الكوفيّين «إن» للنفي ، واللام بمعنى «إلّا». وذكر الأكثر مع أنّ كلّهم كافرون ، لأنّ أكثرهم مع كفرهم فاسق في دينه ، غير لازم لمذهبه ، ناقض للعهد ، قليل الوفاء به.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ
__________________
(١) الشكيمة : الأنفة والإباء وعدم الانقياد.
(٢) يونس : ٢٢.