الحكم عند التباس الأمر في المخالفة ، فقال : (وَإِنْ خِفْتُمْ) حسبتم. وقيل : علمتم (شِقاقَ بَيْنِهِما) خلافا بين المرأة وزوجها. أضمرهما وإن لم يجر ذكرهما لجري ما يدلّ عليهما ، وهو ذكر الرجال والنساء. وإضافة الشقاق إلى الظرف إما لإجرائه مجرى المفعول به ، كقوله : يا سارق الليلة ، أو الفاعل ، كقولهم : نهارك صائم.
(فَابْعَثُوا) أيّها الحكّام لتبيين أمرهما ، أو إصلاح ذات البين (حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) رجلا وسيطا يصلح لحكومة العدل والإصلاح من أهل الزوج ، وآخر من أهل الزوجة ، فإنّ الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح.
وهذا على سبيل الاستحباب ، فلو نصبا من الأجانب جاز.
وقيل : الخطاب للأزواج والزوجات. والأوّل مرويّ عن الصادق. واستدلّ به على جواز التحكيم.
وقال مالك : لهما أن يتخالعا إن وجدا الصلاح فيه من غير أن يستأمرا الزوجين ، ورضيا بذلك. وعند أصحابنا الإماميّة أنّ النصب لإصلاح ذات البين أو لتبيين الأمر ، ولا يليان التفرّق إلّا بإذن الزوجين.
(إِنْ يُرِيدا) أي : يريد الحكمان (إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) بين الزوجين ، أي : إن قصد الإصلاح أوقع الله تعالى ـ بحسن سعيهما ونيّتهما ـ الموافقة بين الزوجين.
وقيل : الضمير الأوّل والثاني للحكمين ، أي : إن قصدا الإصلاح يوفّق الله بينهما ، ليتّفق كلمتهما ، ويحصل مقصودهما.
وقيل : للزوجين ، أي : إن أرادا الإصلاح وزوال الشقاق ، أوقع الله تعالى بينهما الألفة والوفاق. وفيه تنبيه على أنّ من أصلح نيّته فيما يتحرّاه ، أصلح الله مبتغاه.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) بالظواهر والبواطن ، فيعلم ما يريد الحكمان من الإصلاح والإفساد.