فقل لنا متى الساعة؟ ومعناه حينئذ : يسألونك عنها كأنّك حفيّ تتحفّى بهم ، فتخصّهم لأجل قرابتهم بتعليم وقتها.
وقيل : معناه : كأنّك حفيّ بالسؤال عنها ، أي : تحبّه في زعمهم ، والحال أنّك تكره السؤال عنها ، لأنّه من الغيب الّذي استأثره الله تعالى بعلمه ، من : حفي بالشيء إذا فرح.
(قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) كرّره لتكرير «يسألونك» ، لما نيط به من هذه الزيادة ، وللمبالغة (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن علمها عند الله ، ولم يؤته أحدا من خلقه.
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨))
ولمّا تقدّم إجابة القوم بأنّه لا يعلم الغيب ، عقّبه بأنّ علم الغيب يختصّ به المالك للنفع والضرّ ، وهو الله سبحانه ، فقال : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً) أي : جلب نفع (وَلا ضَرًّا) ولا دفع ضرر. وهو إظهار للعبوديّة ، والانتفاء عمّا يختصّ بالربوبيّة من العلم بالغيوب (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) ربّي ومالكي من النفع لي والدفع عنّي ، فيلهمني إيّاه ويوفّقني له.
(وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) أي : ولو كنت أعلمه لكانت حالي على خلاف ما هي عليه ، فكنت استكثر المنافع واجتنب المضارّ حتّى لا يمسّني شيء منها ، ولم أكن غالبا مرّة ومغلوبا أخرى في الحروب ،