ومكارم الأخلاق والخصال ، فقال : (خُذِ الْعَفْوَ) أي : خذ ما عفا لك من أفعال الناس وأخلاقهم ، وتسهّل من غير كلفة ، ولا تداقّهم ، ولا تطلب ما يشقّ عليهم حتّى لا ينفروا ، من العفو الّذي هو ضدّ الجهد والمشقّة ، ومنه : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يسّروا ولا تعسّروا».
فأمر سبحانه بالتسامح وترك الاستقصاء. أو خذ العفو عن المذنبين أو الفضل وما تسهّل من صدقاتهم ، وذلك قبل وجوب الزكاة ، فلمّا نزلت أمر أن يأخذهم بها طوعا أو كرها.
(وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) المعروف المستحسن من الأفعال (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) فلا تمارهم ، ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم ، واحلم عنهم ، وأغض على ما يسوؤك منهم ، صيانة لقدرك ، فإنّ مجاوبة السفيه تضع عن القدر.
قيل : إنّه لمّا نزلت الآية سأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جبرئيل عن ذلك ، فقال : لا أدري حتى أسأل. ثمّ أتاه فقال : يا محمد إنّ الله يأمرك أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمّن ظلمك.
وعن الصادق عليهالسلام : «أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكارم الأخلاق ، وليست في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها».
قال ابن زيد : لمّا نزلت هذه الآية قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : كيف يا ربّ هذا والغضب؟ فنزل قوله : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) ينخسنّك (مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) نخس في القلب ، أي : وسوسة تحملك على خلاف ما أمرت به ، كاعتراء غضب. والنزغ والنسغ والنخس : الغرز ، كأنّه ينخس الإنسان حين يغريه على خلاف مأمور الله تعالى. فشبّه وسوسته للناس ـ إغراء لهم على المعاصي وإزعاجا ـ بغرز السائق ما يسوقه. وجعل النزغ نازغا كما قيل : جدّ جدّه.
(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) ولا تطعه (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يعلم ما فيه صلاح أمرك ، فيحملك عليه. أو سميع بأقوال من آذاك ، عليم بأفعاله ، فيجازيه عليها ، مغنيا إيّاك