العبادات وأفضلها ، وهو الصلاة وما هو شرط صحّتها ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) أي : لا تقوموا إليها وأنتم نشاوى من خمر ونحوها (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) حتى تنتبهوا وتعلموا ما تقولون في صلاتكم.
روي أنّ عبد الرحمن بن عوف صنع مأدبة ودعا نفرا من رفقائه ، فأكلوا وشربوا حتى ثملوا (١) ، وجاء وقت صلاة المغرب فتقدّم عبد الرحمن ليصلّي بهم فقرأ : أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد ، فنزلت.
وقيل : معناه : لا تقربوا مواضع الصلاة ، وهي المساجد ، كقوله تعالى : (وَصَلَواتٌ) (٢). أي : مواضع الصلاة. ويؤيّد هذا قوله : (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) فإنّ العبور إنّما يكون في الموضع دون الصلاة.
وقيل : هو سكر النوم وغلبة النعاس. وروي ذلك عن الباقر عليهالسلام.
ويعضده ما روته عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إذا نعس أحدكم وهو يصلّي فلينصرف ، لعلّه يدعو على نفسه وهو لا يدري».
(وَلا جُنُباً) عطف على قوله : «وأنتم سكارى» ، إذ الجملة في موضع النصب على الحال ، كأنّه قال : لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا. والجنب هو الّذي أصابته الجنابة ، يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، والواحد والجمع ، لأنّه يجري مجرى المصدر الّذي هو الإجناب.
(إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) متعلّق بقوله : «ولا جنبا». استثناء من أعمّ الأحوال ، أي : لا تقربوا الصلاة جنبا في عامّة الأحوال إلّا في حال كونكم مسافرين إذا لم يوجد الماء ، فيجوز لكم أن تؤدّوها بالتيمّم. ويشهد له تعقيبه بذكر التيمّم. أو صفة لقوله : «جنبا» أي : جنبا غير عابري سبيل. وفيه دلالة على أنّ التيمّم لا يرفع حكم
__________________
(١) ثمل ثملا : أخذ فيه الشراب وسكر.
(٢) الحجّ : ٤٠.