بالكثرة عن وصف النساء بها ، إذ الحكمة تقتضي أن يكون الرجال أكثر ، إذ المقصود من إيجاد الموجودات حصول الكمالات لها ، والرجال أكثر استعدادا في تحصيل تلك الكمالات. وذكر «كثيرا» حملا على الجمع لا على الجماعة.
وترتيب الأمر بالتقوى على هذه القصّة لما فيها من الدلالة على القدرة القاهرة الّتي من حقّها أن تخشى ، والنعمة الظاهرة الّتي توجب طاعة موليها. ولأنّ المراد به تمهيد الأمر بالتقوى فيما يتّصل بحقوق أهل منزله. وبنى جنسه على ما دلّت عليه الآيات الّتي بعدها.
(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) أي : يسال بعضكم بعضا فيقول : أسألك بالله.
وأصله : تتساءلون ، فأدغمت التاء الثانية في السين. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بطرحها. (وَالْأَرْحامَ) بالنصب عطف على محلّ الجارّ والمجرور ، كقولك : مررت بزيد وعمرا ، أي : يسأل بعضكم من بعض بالله وبالرحم ويقول : بالله والرحم افعل كذا ، على سبيل الاستعطاف ، وهذا من عادات العرب عند ذكر المسألة ليتعاطفوا بذكرهما.
وملخّص المعنى : أنّكم تتساءلون بذكر الله والرحم ، فاتّقوا خالقكم الّذي تقرّون به ، وتتناشدون به وبالأرحام ، وعظّموه بطاعتكم إيّاه ، كما تعظّمونه بأقوالكم. أو عطف على «الله» أي : اتّقوا الله واتّقوا الأرحام ، فصلوها ولا تقطعوها. ويؤيّده ما روي عن ابن عبّاس وقتادة ومجاهد والضّحاك والربيع ، ونقل عن أبي جعفر عليهالسلام أنّ معناه : واتّقوا الأرحام أن تقطعوها.
وقرأ حمزة بالجرّ عطفا على الضمير المتّصل المجرور. وهو ضعيف ، لأنّه كبعض الكلمة ، فأشبه العطف على بعضها ، فلم يجز ، ووجب تكرير العامل ، كقولك : مررت به وبزيد وعمرو.
ونبّه سبحانه إذ قرن الأرحام باسمه على أنّ صلتها بمكانة ومنزلة عظيمة