وقرأ عاصم وحمزة بكسرهما على الأصل. والباقون بضمّهما ، إجراء لهما مجرى الهمزة المتّصلة بالفعل.
(ما فَعَلُوهُ) الضمير للمكتوب ، ودلّ عليه «كتبنا» ، أو لأحد مصدري الفعلين ، وهما القتل والخروج ، أي : ما فعلوا ما كتب عليهم أو القتل أو الخروج (إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) إلّا ناس قليل ، وهم المخلصون ، مثل ثابت بن قيس ، ونظائره من المؤمنين الّذين رسخ الإيمان في قلوبهم. وقال النبيّ في شأنهم : «إنّ من أمّتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي».
و «قليل» بدل من ضمير «فعلوه».
وقرأ ابن عامر بالنصب على الاستثناء ، أو على : فعلا قليلا.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) أي : ما يؤمرون به من متابعة الرسول ومطاوعته طوعا ورغبة والرضا بحكمه (لَكانَ) ذلك (خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) في دينهم ، لأنّه أشدّ لتحصيل العلم ونفي الشكّ. أو تثبيتا لثواب أعمالهم ، ونصبه على التمييز. أو أشدّ بصيرة في أمر الدين ، كنّي به عن البصيرة بهذا اللفظ ، لأنّ من كان على بصيرة من أمر دينه كان أدعى له إلى الثبات عليه ، وكان هو أقوى في اعتقاد الحقّ وأدوم عليه ممّن لم يكن على بصيرة منه.
(وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) لا يبلغ أحد مبدأه ، ولا يعرف منتهاه ، ولا يدرك قصواه. وإنّما قال : «من لدنّا» تأكيدا بأنه لا يقدر عليه غيره ، وليدلّ على الاختصاص. وهذا جواب لسؤال مقدّر ، كأنّه قيل : وما يكون لهم بعد التثبيت؟ فقال : وإذا لو تثبّتوا لآتيناهم ، لأنّ «إذا» جواب وجزاء.
(وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) أي : وفّقناهم ليزدادوا الخيرات ، ويثبتوا معها