هذا ، مع أنّه إنّما يجب الإتيان بالتيمّم لدى الضرورة لبدليّته من الوضوء والغسل وقيامه مقامهما ، فلا يعقل بقاء الأمر بالمبدل منه بعد تحقّق البدل بعنوان البدليّة وصحّته ، كما لا يخفى.
هذا هو الكلام في الحكم الوضعي ، أعني صحّة التيمّم والصلاة عند تأخير المكلّف إلى أن يتضيّق الوقت.
وأمّا الكلام في الحكم التكليفي ـ أعني حرمة التأخير واستحقاق العقاب عليه ـ فهو على الظاهر من المسلّمات التي لم ينقل الخلاف فيه من أحد إلّا من المصنّف في المعتبر (١) كما ستعرف ؛ لكونه تفويتا للتكليف الذي لا شبهة في قبحه في الجملة ، وإن كان قد يستشكل فيه في كثير من الموارد التي يتخيّل كونها نظير ما نحن فيه من حيث المشاركة في تفويت التكليف ، فالأولى شرح المقال لتتّضح حقيقة الحال بالنسبة إلى جميع الموارد ؛ لكون المسألة من المهمّات.
فأقول مستعينا بالله : تفويت التكليف قد يكون بدفع ما يقتضيه أو رفعه لا بدفع نفس التكليف أو رفعه. وبعبارة أخرى : قد يكون التفويت بتبديل الموضوع ، الموجب لانقلاب الحكم لا لأجل الاضطرار ، كما لو سافر الحاضر فارتفع تكليفه بالصوم وصلاة الجمعة وغيرهما من التكاليف التي يسقط طلبها بالسفر باعتبار أخذ وصف الحضور قيدا في موضوعها ، وهذا القسم ممّا لا إشكال في جوازه مطلقا.
أمّا قبل تنجّز الخطاب بالواجبات : فواضح ؛ فإنّه لا يتنجّز عليه شيء من هذه التكاليف إلّا على تقدير اندراجه في موضوع الحاضر ، فيكون الحضور من
__________________
(١) راجع المعتبر ١ : ٣٦٦.