المقدّمات الوجوبيّة للواجب المشروط ، التي لا يجب تحصيلها بالضرورة.
وأمّا بعد تنجّز الخطاب : فلأنّ بقاءه منجّزا عليه مشروط ببقاء كونه حاضرا ، وليس اشتراطه بهذا الشرط على حدّ اشتراطه بالقدرة ونحوها من الشرائط العقليّة التي يرتفع التكليف بارتفاعها لأجل التعذّر مع بقاء مقتضية ، التي ستعرف تحقيق الحال فيها ، بل هو من الشرائط المتّخذة شرعا من أجزاء المقتضي ، فالخطابات الصادرة من الشارع ، المثبتة لهذه الأحكام بمنزلة ما لو قال : إن كنت حاضرا فصم وصلّ صلاة الظهر أربع ركعات ، وإن كنت مسافرا فلا تصم وصلّ ركعتين ، فعند صدور مثل هذا الخطاب لا يجب على المكلّف إلّا ملاحظة حاله عند إرادة الخروج من عهدة التكليف ، نظير ما لو قال : إذا كنت في دار زيد فأكرمه ، فكما لا يجب عليه قبل تنجّز التكليف تحصيل شرط الوجوب ، فكذلك لا يجب عليه إبقاؤه بعد تنجّزه.
اللهمّ إلّا أن يدلّ عليه دليل خارجي ، كما لو ورد مثلا : النهي عن السفر في شهر رمضان أو بعد دخول وقت الصلاة إلّا بعد أدائها ، وهو خارج ممّا نحن فيه.
والحاصل : أنّ مقتضى الأصل جواز تفويت التكليف برفع الطلب المتعلّق بالفعل كدفعه ما لم يكن ذلك بواسطة العصيان أو تحصيل العجز المانع من بقاء الطلب ، بل برفع ما يقتضيه ، الموجب لتبدّل الموضوع ، المستلزم لارتفاع الحكم ، وليس هذا القسم في الحقيقة من قبيل تفويت التكليف ، وإنّما يطلق عليه ذلك بنحو من الاعتبار والمسامحة.
وقد يكون تفويت التكليف باختيار العجز الموجب لخروج المأمور به من كونه مقدورا ، فيسقط الطلب المتعلّق به لذلك ، لا لرفع مقتضية ، كما في القسم