فتخصّصها بغير موارد الحرج ، فإتيانها في تلك الموارد بقصد امتثال الأمر تشريع محرّم.
قلت : إذا كان منشؤ التخصيص كون التكليف بالوضوء والغسل حرجيّا من دون أن يترتّب عليهما ـ عدا المشقّة الرافعة للتكليف ـ مفسدة ، لا يجوز الإقدام عليها شرعا من ضرر ونحوه ، فهو لا يقتضي إلّا رفع مطلوبيّة الفعل على سبيل الإلزام ، لا رفع ما يقتضي الطلب ومحبوبيّة الفعل ، فلو أتى به المكلّف متحمّلا لمشقّته فقد أتى بما هو المحبوب في الواقع وإن لم يكن واجبا عليه لمشقّته ، وكفى بكونه كذلك وجها لوقوعه عبادة ، كما عرفت في نيّة الوضوء.
وكيف كان فلا يفهم من أدلّة نفي الحرج عرفا وعقلا إلّا ما عرفت ، فلا إشكال فيه مع أنّ أدلّة نفي الحرج لا تزاحم التكاليف المستحبّة التي ليس فيها إلزام ، فلا يخصّص بها العمومات الدالّة على استحباب الوضوء لغاياته المستحبّة ، فليتأمّل.
وأمّا سائر الموارد التي ثبت جواز التيمّم فيها بغيرها من الأدلّة : فإن كان مقتضاها حرمة الوضوء والغسل بلحاظ ما يترتّب عليهما من المفسدة التي لا يسوغ تحمّلها شرعا وإلّا فنفس الطهور من حيث هي لا يتعلّق بها النهي ، كإلقاء النفس في المهالك أو ارتكاب ما يظنّ معه الضرر في نفس أو عرض أو مال ضررا يجب التجنّب عنه شرعا ، تعيّن عليه التيمّم.
وإن لم يكن مقتضاها إلّا جواز التيمّم من دون أن يترتّب على فعل الوضوء أو الغسل مفسدة محرّمة عدا توهّم كونه تشريعا من دون أن يتعلّق به نهي شرعيّ ولو بالنظر إلى ظواهر الأدلّة ، كبعض موارد الضرر الذي يجوز تحمّله لسائر