إيجاد المأمور به ، فعزمه على المعصية طريق لإحراز كونه من مصاديق هذا العنوان من دون أن يجب عليه تحصيله ، كسائر المفاهيم المأخوذة عنوانا لسائر الأحكام من كونه مسافرا أو حاضرا أو نحوهما ، فكما يجوز أن يكلّف المسافر بشيء من دون أن يوجب عليه المسافرة ، فكذلك يجوز تكليف العاصي بفعل المقدّمة إن يأتي بذي المقدّمة.
ألا ترى أنّه لا قبح عقلا ولا عرفا في أن يكلّف المولى عبده بكنس السطح ونحوه ممّا يتوقّف على كونه فيه مشروطا بأن يكون فيه لا مطلقا بأن يقول : إن كنت على السطح فاكنسه ، كما أنّه لا قبح فيما لو كلّفه كذلك بأشياء لا يتوقّف حصولها على الكون على السطح ، مثل قراءة القرآن ونحوها من دون فرق في ذلك بين كون نفس الكون من حيث هي محبوبة أو مبغوضة.
وهذا إجمالا ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، لكنّه لا يجدي في تصحيح الوضوء المتوقّف على الاغتراف من الآنية المغصوبة ، لاشتراط تحقّقه في الخارج بقصد حصول عنوانه بداعي التقرّب ، فيكون القصد المحصّل لعنوانه من مقوّمات ماهيّة المأمور به ، فيشترط فيه عدم كونه مبغوضا للشارع ، فغسل الوجه ـ مثلا ـ إنّما يقع جزءا من الوضوء إذا تحقّق بعنوان جزئيّته للوضوء المأمور به بأن يكون الآتي به بانيا على إتمامه وضوءا ، وهذا البناء ممّن يرتكب المقدّمة المحرّمة قبيح يجب عليه هدمه والعزم على ترك الوضوء بترك التصرّف في الغصب ، فلا يجوز أن يكون هذا العزم ـ الذي يجب عليه نقضه ـ أن يكون من مقوّمات الماهيّة المأمور بها ، فالذي يجوز أن يتعلّق به الأمر التقديري في المثال المتقدّم إنّما هو نفس الكنس ، لا العزم على إتمامه من حين الشروع فيه ، فإنّه لدى التحليل عزم على