المعصية ، فإنّ العزم على إيجاد ذي المقدّمة عزم على إيجاد مقدّمته إجمالا ، لا أنّه موقوف عليه حتّى يمكن أن يلتزم فيه أيضا بالترتّب ، بل ينحلّ إليه عند التحقيق ، فالعزم الخاصّ الصادر من العاصي المقرون ببنائه على العصيان قبيح يجب عليه نقضه ، فلا يجوز أن يكون مصحّحا للعبادة.
نعم ، لو انفكّ عزمه على الفعل المأمور به عن بنائه على العصيان بأن لم يكن جازما على إيجاده حتّى يكون عزما إجماليّا على المعصية بأن نوى بغسل وجهه الاحتياط بانيا على إتمامه وضوءا إن اقتضاه تكليفه بتجدّد القدرة ولو بتصرّفه في المغصوب من دون أن يكون بانيا عليه حين غسل الوجه ثمّ تصرّف في المغصوب فأتى بسائر أفعال الوضوء كذلك من دون أن يكون إتيان شيء منها مقرونا بالعزم على المعصية ، اتّجه الالتزام بصحّته ، فالأمر التعليقي الذي تعقّلناه إنّما ينتج صحّة الوضوء في مثل الفرض لا مطلقا.
لا يقال : إنّ غاية ما تعقّلناه إنّما هو جواز الأمر التعليقيّ لا وقوعه كي ينتج الصحّة في الفرض ، ولا ريب في أنّ عموم قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) (١) إلى آخره ، وكذا غيره من الأدلّة الآمرة بالوضوء مخصّصة بحكم العقل والعرف بالأدلّة الناهية عن ارتكاب مقدّمته ، فيكون المراد بالآية وغيرها إيجاب الوضوء على من لم ينهه الشارع عن إيجاد مقدّمته ، فالعاصي غير مراد بهذه الأدلّة ، ولم يرد في حقّه دليل خاصّ يقتضي صحّة عمله.
لأنّا نقول : ليس لنا مخصّص لفظي يقتضي خروج العاصي على الإطلاق من موضوع الأدلّة ، وإنّما العقل وكذا أهل العرف بحكم عقلهم يحكمون بخروج
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.