مع ما عرفت من أنسبيّة المعنى الوصفي الذي لا شكّ في كونه حقيقة فيه ، وقد سمعت التصريح بإرادته في الخبرين.
لكن قد يقال : إنّ الصعيد في الآية وإن قلنا بأنّه لم يستعمل في خصوص التراب بعنوان الخصوصيّة لكنّه بالخصوص ـ لكونه أظهر أفراد الصعيد وأشيعها ـ مراد منه بقرينة قوله تعالى في سورة المائدة (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) (١) فإنّ المتبادر من لفظة (مِنْهُ) إرادة المسح ببعض ذلك الصعيد ، وهذا لا يستقيم إلّا بإرادة التراب دون الحجر ، فإنّ الحجر لا يعلّق باليد حتّى يصدق المسح منه.
وحمل كلمة «من» على البدليّة بإرجاع الضمير إلى الماء خلاف الظاهر ، وحملها على الابتداء بعيد من السياق.
وعدم ذكر لفظة منه في آية التيمّم في سورة النساء (٢) لا يجدي ؛ فإنّ القرآن يقيّد بعضه بعضا بلا شبهة.
ويشهد له ـ مضافا إلى أنّه هو الظاهر من الآية ـ صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرّجلين ، وذكر الحديث ، إلى أن قال أبو جعفر عليهالسلام : «ثمّ فصّل بين الكلام فقال (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال (بِرُؤُسِكُمْ) أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء .. ثمّ قال (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ) فلمّا أن وضع الوضوء عمّن لم يجد الماء أثبت بعض
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.
(٢) النساء ٤ : ٤٣.