الغسل مسحا ، لأنّه قال (بِوُجُوهِكُمْ) ثمّ وصل بها (وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) أي من ذلك التيمّم ، لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجر على الوجه ، لأنّه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكفّ ، ولا يعلق ببعضها» (١) الحديث.
وفيه : أنّ كلمة «من» في الآية على الظاهر للابتداء ، ولا يستقيم حملها على التبعيض إلّا بتمحّل.
وقد حكي عن السيّد في طيّ كلام له : التصريح بأنّ كلمة «من» للابتداء ، وأنّ جميع النحويّين من البصريّين منعوا ورود «من» لغير الابتداء (٢).
وأمّا الصحيحة فهي شاهدة على ذلك لا على ما ادّعي.
بيان ذلك : أنّه إن أريد بكلمة «من» التبعيض ، لكان معناها : امسحوا بوجوهكم بعض الصعيد ، ومن المعلوم أنّ بعض الصعيد صعيد ، فهو بمنزلة ما لو قال : امسحوا بوجوهكم الصعيد ، فإنّه لا يفهم من هذه العبارة أيضا إلّا إرادة بعضه ؛ لتعذّر إرادة كلّه ، وهذا المعنى لا يكاد يتحقّق إلّا أن يكون ما يطلق عليه الصعيد ممسوحا به ، نظير قولك : امسح يدك بالمنديل ، فيكون مفاد الآية حينئذ ما صنعه عمّار حيث تمرّغ في التراب ، كما حكي قصّته في عدّة أخبار (٣) ، ولا يتفاوت الحال في ذلك بين أن يكون ذلك البعض الذي يمسح بالوجه حجرا أو ترابا.
لكنّ هذا المعنى غير مراد بالآية قطعاً ، فإنّه لا يعتبر في التيمّم بالضرورة فضلا عن النصّ والإجماع مسح الصعيد بالوجه واليدين ، بل المعتبر فيه مسحهما
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٠ / ٤ ، الفقيه ١ : ٥٦ ـ ٥٧ / ٢١٢ ، التهذيب ١ : ٦١ ـ ٦٢ / ١٦٨ ، الإستبصار ١ : ٦٢ ـ ٦٣ / ١٨٦ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب التيمّم ، ح ١.
(٢) مسائل الناصريّات : ١٥٥ ـ ١٥٦ ، المسألة ٥٠.
(٣) راجع : الوسائل ، الباب ١١ من أبواب التيمّم ، الأحاديث ٢ و ٤ و ٨ و ٩.