بالكفّين الموضوعتين على الأرض ، فالمراد بـ «من» في الآية على الظاهر ليس إلّا ما أراده الصادق عليهالسلام في قوله ـ في صحيحة الحلبي ـ : «إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليتمسّح من الأرض» (١) ومن المعلوم عدم كون كلمة «من» في هذه الصحيحة للتبعيض ، بل هي للابتداء ، فالمقصود من الأمر بالمسح من الصعيد بالوجه واليدين عند عدم إرادة مسح نفس الصعيد بهما إنّما هو كون المسح بهما ناشئا منه بنحو من الاعتبار ، فتكون كلمة «من» للابتداء لا للتبعيض.
ومن هنا يتطرّق الإجمال في تشخيص المراد بالمسح من الصعيد حيث لا يفي مجرّد الأمر به بفهم الكيفيّة التي أريدت من إضافة المسح إلى الصعيد ، ولذا قد أكثر الناس في السؤال عن كيفيّة التيمّم ولم يفهموها من الآية ، وقد بيّنها النبيّ والوصيّ ـ صلوات الله عليهما ـ في جملة من الأخبار البيانيّة : مثل ما عن داود بن النعمان ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن التيمّم ، فقال : «إنّ عمّارا أصابته جنابة فتمعّك كما تتمعّك الدابّة ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يهزأ به : يا عمّار تمعّكت كما تتمعّك الدابّة؟» فقلنا له : فكيف التيمّم؟ فوضع يده على الأرض ثمّ رفعهما فمسح وجهه ويديه فوق الكفّ قليلا (٢).
وعن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول وذكر التيمّم وما صنع عمّار ، فوضع أبو جعفر عليهالسلام كفّيه على الأرض ثمّ مسح وجهه وكفّيه ولم يمسح
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٣ / ٣ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب التيمّم ، ح ٤.
(٢) التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٥٩٨ ، الإستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٩١ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب التيمّم ، ح ٤.