بحيث لم يصدق عليه اسمها حين انفصاله كالتراب أو الحجر المتّخذ من الأرض ، الذي لا يطلق عليه اسم الأرض بعد الاتّخاذ وإن صدق عليه أنّه من أجزاء الأرض ، فهو حقّ ، لكنّ الكحل والزرنيخ ونحوهما من أنواع المعادن ليست كذلك ؛ لعدم كونها من أجزاء الأرض ، بل هي متولّدة منها ، كالنباتات ، ولا يطلق عليها الأرض عرفا إلّا بنحو من المسامحة حين انطباعها ، وأدلّة الباب مصروفة عنها جزما.
وإن أريد ما يعمّ الجمادات المتكوّنة في الأرض ، الخارجة من مسمّاها ، ففيه : أنّ عنوان الموضوع الذي يدور مداره الحكم ـ على ما يظهر من الأدلّة ـ إنّما هو الأرض ، وخروج المعادن منها غير مجد بعد خروجها من مسمّاها.
مضافا إلى استفاضة نقل الإجماع على عدم الجواز.
وربّما يستدلّ له : بمفهوم التعليل لعدم جواز التيمّم بالرماد في خبر السكوني والمرويّ عن الراوندي ـ المتقدّمين (١) ـ : بأنّه «لم يخرج من الأرض».
وفيه أوّلا : أنّه لا يفهم من التعليل إلّا المنع من كلّ ما لم يخرج من الأرض ، وأمّا الجواز بكلّ ما خرج منها فلا ، وإلّا لفهم منه جواز التيمّم بالنباتات كلّها.
نعم ، يفهم منها أنّ علّة المنع في خصوص الرماد عدم خروجه من الأرض ، وإلّا لكان حاله حال الجصّ والنورة ، لا أنّ علّة الجواز في كلّ شيء منحصرة بخروجه من الأرض.
ألا ترى أنّه لو قيل : «لا تأكل الرمّان ؛ لأنّه حامض» لا يفهم من التعليل إلّا النهي عن أكل كلّ حامض ، وجواز أكل الرمّان إن لم يكن حامضا ، لا جواز أكل كلّ شيء ليس بحامض.
__________________
(١) في ص ١٨٦.