أخبار التقديم دالّة على أنّ ما يؤتى به هو غسل الجمعة ، الذي أراده الشارع من المتمكّن ، فهي حاكمة على الإطلاقات ، كما في كلّ واجب قدّم.
وقد يذبّ عن الأولى : بأنّ عدم التمكّن من المبدل شرط في صحّة البدل واقعا ، فانكشاف التمكّن منه كاشف عن عدم صحّة البدل واقعا.
نعم ، سوّغ الدخول فيه ظاهرا خوف العجز عن المبدل صونا للفعل عن الفوات.
ومنه يظهر الجواب عن المناقشة في الإطلاقات ؛ إذ بعد تبيّن عدم تحقّق الشرط الواقعي للبدل فلا مخرج من العمومات.
قال شيخنا المرتضى قدسسره ـ بعد الإشارة إلى ما عرفت ـ : ولكنّ الإنصاف أنّ الظاهر من الروايتين أنّ ما يفعله الخائف هو الغسل الذي يفعله المتمكّن في يوم الجمعة ، فلو صحّ سندهما واستغنيا (١) عن الجابر ، لم يكن مناص عن العمل بهما في الحكم بالبدليّة الواقعيّة ، إلّا أنّهما لضعفهما لا يقومان على إثبات حكم زائد على أصل استحباب الفعل ، والجابر لهما ـ من الشهرة وعدم ظهور الخلاف ـ أيضا لم يجبر الزائد على ذلك (٢). انتهى.
ويتوجّه عليه أنّ عمل الأصحاب بالرواية يجبر ضعف السند ، فتكون بمنزلة غيرها من الروايات الصحيحة المعمول بها ، وإلّا فإثبات الاستحباب بها لا يحتاج إلى الجابر ، وحينئذ فلا يتّجه رفع اليد عن ظاهرها من دون معارض.
وأمّا ما ذكره قدسسره من أنّ ظاهر الروايتين أنّ ما يفعله الخائف هو الغسل الذي
__________________
(١) في المصدر : «واستغنينا».
(٢) كتاب الطهارة : ٣٢٣.