لم يكن زائلا ، وإلّا لم يعد بلا سبب.
أقول : أمّا انتقاض التيمّم بوجدان الماء المتمكّن من استعماله فممّا لا شبهة فيه ، كما أنّه لا شبهة في عدم كونه بنفسه حدثا ، لكن من الواضح ـ الذي لا يكاد يعتريه ريب ـ أنّ الشارع إنّما نزّل التراب منزلة الماء في إفادته للطهور الذي هو شرط للصلاة ونحوها لدى الضرورة ، لا أنّه أهمل شرطيّته ، وأباح الصلاة مع الحدث للعاجز من استعمال الماء.
والحاصل : أنّ الشارع جعل التراب طهورا ، كما جعل الماء طهورا ، لا أنّه نفى شرطيّة الطهارة في حقّ العاجز.
فإن أرادوا بقولهم : «إنّ التيمّم مبيح للصلاة ـ مثلا ـ وليس برافع ، أو ليس بطهور» ما يؤول إلى ارتكاب التخصيص فيما دلّ على أنّه «لا صلاة إلّا بطهور» (١) ففاسد جدّا.
وإن أرادوا ما لا ينافي شرطيّة الطهور وحصول الشرط بالتيمّم وإن لم يسمّوه بالطهارة بأن التزموا بتعميم الشرط على وجه يعمّ أثر التيمّم بدون أن يستلزم ارتكاب التخصيص في مثل «لا صلاة إلّا بطهور» بأن تكون فائدته مجرّد الرخصة في الصلاة مع الحدث ـ كما هو معنى الاستباحة ـ فلا مشاحّة فيه.
والذي ينبغي أن يقال : إنّه يستفاد من الكتاب والسنّة بل الإجماع والضرورة استفادة قطعيّة : أنّ الشارع لم يهمل شرطيّة الطهور لمن لم يتمكّن من استعمال الماء ، لكن جعل له التراب طهورا ، كما جعل الماء طهورا ، وظاهر جميع
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٩ ـ ٥٠ / ١٤٤ ، و ٢٠٩ / ٦٠٥ ، و ٢ : ١٤٠ / ٥٤٥ ، الاستبصار ١ : ٥٥ / ١٦٠ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب الوضوء ، ح ١.