رفع اليد عن ظاهر كلّ منهما بصريح الآخر ؛ فإنّ الرضوي نصّ في اعتبار الجبهة ، وظاهر في عدم اعتبار غيره من باب السكوت في معرض البيان ، وسائر الأخبار عكسه ، فيأوّل الظاهر بالنصّ.
هذا ، مع شيوع إطلاق كلّ من الجبهة والجبين على ما يعمّ الآخر ، بل قد يقال : إنّ المتبادر عرفا من إطلاق الجبهة وكذا الجبين منفردا ـ كما في بعض الأخبار ـ هو المعنى الأعمّ.
ألا ترى أنّ المتبادر من مثل قوله : «إذا مات المؤمن عرق منه الجبين» (١) إرادة السطح المشتمل على الجبهة والجبينين.
وعلى هذا ينزّل الأخبار المعبّرة بالجبين بعد انعقاد الإجماع على عدم الاجتزاء بهما بالخصوص ، فيكون الإجماع كاشفا عن إرادة هذا المجاز الشائع ، أو دليلا لتقييد ما يظهر منها من إطلاق كفاية مسح الجبينين ، ويكون الرضوي والموثّق شاهدين عليه على تقدير اعتبارهما ، ومؤيّدين على تقدير العدم.
ولقد أعجب في الحدائق حيث حمل لفظ «الجبينين» في هذه الأخبار على إرادة خصوص الجبهة بعلاقة المجاورة ؛ مستشهدا بفهم المشهور ، حيث زعم التزامهم باعتبار مسحها بالخصوص ، واستنادهم فيه إلى هذه الأخبار (٢).
وقد أشرنا في صدر المبحث إلى أنّ المظنون عدم إرادة المشهور الاختصاص ، وأمّا حمل الأخبار على إرادة خصوص الجبهة فهو في غاية البعد ؛ لأنّ إرادتها بالخصوص من لفظ «الجبينين» بل وكذا من لفظ «الجبين» ـ كما في
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٢ : ٢٩١ عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام.
(٢) الحدائق الناضرة ٤ : ٣٤٣ ـ ٣٤٤.