استحبّ للجنب بل ولغيره أيضا الطهارة المائيّة ما لم يكن خوفه على وجه يوجب حرمة الإقدام عليها.
وكيف كان فلا شبهة في صحّة التيمّم والصلاة الواقعة معه في الفرض ، وهذه المرسلة (١) أيضا شاهدة عليها ، لكنّها تدلّ على وجوب إعادتها للإجادة وإدراك فضيلة الصلاة مع الطهارة المائيّة ، فيعارضها من هذه الجهة المستفيضة المتقدّمة التي وقع التصريح في جملة منها بعدم إعادة الجنب للصلاة الواقعة مع التيمّم.
واختصاص موردها بفاقد الماء غير مجد في رفع المعارضة بعد وضوح عدم مدخليّة الخصوصيّة في الحكم ، كما يدلّ عليه ما في بعضها من التعليل لعدم الإعادة : باتّحاد ربّ الماء وربّ الصعيد ، وأنّه قد فعل أحد الطهورين (٢).
وفي قول النبيّ صلىاللهعليهوآله لأبي ذر حين جامع امرأته على غير ماء : «يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين» (٣) أيضا إشارة إليه.
وأنت خبير بأنّ حمل الإعادة في هذه المرسلة (٤) على الاستحباب أهون من التصرّف في تلك الأخبار ، بل لو لا معارضتها بتلك الأخبار ، لأشكل الاعتماد على مثل هذا الظهور في إثبات هذا الحكم التعبّدي المخالف للأصل وقاعدة الإجزاء ، المعتضدة بظواهر الكتاب والسنّة الدالّة على انحصار ما وجب على المكلّف في فرد من الطبيعة لا الفردين.
هذا ، مع ما فيها من ضعف السند ، ومخالفة ظاهرها لما عليه الأصحاب. و
__________________
(١) أي : مرسلة جعفر بن بشير ، المتقدّمة في ص ٣٢٧.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٢٣ ، الهامش (١).
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٣٢٤ ، الهامش (٣).
(٤) أي : مرسلة جعفر بن بشير ، المتقدّمة في ص ٣٢٧.