حتّى على القول بعدم جوازه في السعة ؛ لأنّ المفروض فوات الجمعة بالتأخير ، فمقتضى القاعدة الاجتزاء بالصلاة الواقعة معه.
وقد أشرنا في الفرع السابق إلى أنّ حمل الإعادة في مثل هاتين الروايتين على الاستحباب أهون من التصرّف في القاعدة العقليّة ، الذي مرجعه إلى التصرّف في ظواهر الكتاب والسنّة الدالّة على انحصار الواجب بفرد من طبيعة الصلاة ، خصوصا مع ما في صحيحة محمّد بن مسلم ، وغيرها من تقرير القاعدة ، وتعليل عدم الإعادة : «بأنّ ربّ الماء ربّ الصعيد ، فقد فعل أحد الطهورين» (١).
ومن الواضح أنّ رفع اليد عن عموم هذه العلّة المعتضدة بالعقل والنقل أشكل من حمل الإعادة على الاستحباب ، خصوصا مع إعراض المشهور عن ظاهر الروايتين.
هذا ، مع غلبة الظنّ بإرادة الجمعة مع المخالفين ، كما كان متعارفا في تلك الأعصار ، ويشعر بذلك قوله عليهالسلام : «ويصلّي معهم» (٢) فلا يجتزئ بها وإن صلّاها بطهارة مائيّة ، كما يدلّ عليه جملة من الأخبار :
منها : صحيحة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : إنّ أناسا رووا عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه صلّى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهنّ بتسليم ، فقال : «يا زرارة إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام صلّى خلف فاسق ، فلمّا سلّم وانصرف قام أمير المؤمنين عليهالسلام فصلّى أربع ركعات لم يفصل بينهنّ بتسليم ، فقال له رجل إلى جنبه : يا أبا الحسن صلّيت أربع ركعات لم تفصل بينهنّ ، فقال : أما إنّها أربع ركعات
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٣٢٣ ، الهامش (١).
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٢٩ ، الهامش (٢ و ٣).