ولعلّ نظره في هذا التفصيل إلى الجمع بين مجموع الأخبار بتخصيص ما دلّ على المضيّ مطلقا بالخبرين المفصّلين ، والجمع بين جميعها وبين ما يعارضها ـ أي : الخبرين الواردين فيمن صلّى ركعة ، الظاهرين في القطع مطلقا ـ بحمل كلّ من المتعارضين على ما هو القدر المتيقّن إرادته منه ، وهو في الخبرين خصوص موردهما ، وهو قبل الركوع في الركعة الثانية ، لكن في غير فرض الضيق الذي يظنّ عدم إرادته من إطلاقهما ، وبالنسبة إلى سائر الأخبار ما بعده ، والله العالم.
ومنها : ما عن سلّار من الانصراف قبل دخوله في القراءة ، وعدمه بعده (١).
ولعلّ مخالفته مع المشهور في تشخيص مفهوم الدخول في الصلاة ، فكأنّه رأى أنّ التكبيرة افتتاحها ، وأنّ الدخول فيها يتحقّق بالأخذ في سائر الأجزاء التي أوّلها القراءة.
ومنها : ما حكاه في محكيّ الذكرى عن ابن حمزة في الواسطة مستغربا منه ، وهو : أنّه إذا وجد الماء بعد الشروع وغلب على ظنّه عدم ضيق الوقت لو قطع وتطهّر ، وجب عليه ذلك ، وإن لم يمكنه ذلك ، لم يقطعها إذا كبّر. وقيل :يقطع ما لم يركع. وهو محمول على الاستحباب (٢). انتهى.
ولعلّ مبناه فساد التيمّم الواقع في السعة عنده ، فإذا غلب على ظنّه التمكّن من التطهير والصلاة في وقتها ، علم فساد تيمّمه ، فعليه القطع ، فمورد أخبار الباب عنده إنّما هو فيما إذا دخل في الصلاة بتيمّم صحيح بأن كان واقعا في ضيق الوقت ،
__________________
(١) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٢٧٥ ، المسألة ٢٠٥ ، وانظر : المراسم : ٥٤.
(٢) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٥ : ٢٤٤ ، وانظر : الذكرى ٢ : ٢٧٨.