وعن المختلف وبعض من تأخّر عنه استحبابه للأداء أيضا (١). ولعلّه لإطلاق الأمر بالاغتسال عند احتراق القرص كلّه في الصحيحة المتقدّمة (٢).
وفيه : أنّ ظاهر هذه الصحيحة بمقتضى إطلاق الأمر الوارد فيها : مطلوبيّة الغسل بل وجوبه بعد الاحتراق لذاته ، لا لأجل الصلاة التي ربما يؤتى بها قبل احتراق القرص ، وهذا ممّا لا يقول به الخصم ، بل لم يلتزم به أحد ، بل عن بعض (٣) دعوى الإجماع على عدم كونه إلّا لأجل الصلاة ، فالقرينة المرشدة إلى إرادة خلاف هذا الظاهر ليست إلّا سائر النصوص والفتاوى الدالّة على اختصاصه بالقضاء.
وبعبارة أخرى : إذا تعذّر الأخذ بهذا الظاهر ، تكون الرواية مجملة من حيث المتعلّق ، وسائر الأخبار مبيّنة لها.
هذا ، مع أنّه ليس للصحيحة ظهور معتدّ به في الإطلاق ، فإنّها على الظاهر (٤) مسوقة لبيان عدد الأغسال المشروعة ، لا لبيان شرعيّتها على الإطلاق.
هذا كلّه بعد الغضّ عمّا يقوى في النظر من اتّحاد هذه الرواية مع رواية الخصال ، الصريحة في الاختصاص بالقضاء بقرينة اتّحاد الراوي والمرويّ عنه ـ على احتمال ـ ومضمون الرواية ومعظم فقراتها ، فالاختلاف الحاصل فيها بحسب الظاهر ليس إلّا بواسطة الرواية من حيث الاختصار ونقل المضمون ، والله
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٣٠ ، وانظر : مختلف الشيعة ١ : ١٥٣ ، المسألة ١٠٣ ، ومدارك الأحكام ٢ : ١٧٠ ، ومفاتيح الشرائع ١ : ٣١.
(٢) وهي صحيحة ابن مسلم ، المتقدّمة في ص ٥٠.
(٣) الحاكي عنه هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٣٠.
(٤) في «ض ٨» : «بحسب الظاهر» بدل «على الظاهر».