كونهم عالمين للغيب ، وهل هذا إلا سبب قبيح وتضليل لهم بل تكفير لا يرتضيه من هو بالمذاهب خبيرة ، والله يحكم بينه وبينهم وإليه المصير؟!» (١٠٣).
الشيخ المجلسي (١٠٣٧ ـ ١١١١ هـ) :
«قد عرفت مراراً أنّ نفي علم الغيب عنهم معناه أنهم لا يعلمون ذلك من أنفسهم بغير تعليمه تعالى بوحي أو إلهام ، وإلا فظاهر أنّ عمدت معجزات الأنبياء والأوصياء عليهم السلام من هذا القبيل. وأحد وجوه إعجاز القرآن أيضاً إشتماله على الأخبار بالمغيبات ، ونحن أيضاً نعلم كثيراً من المغيبات بإخبار الله تعالى ورسوله والأئمة عليهم السلام ، كالقيامة وأحوالها والجنة والنار والرجعة وقيام القائم عليه السلام ونزول عيسى وغير ذلك من أشراط الساعة ، والعرش والكرسي والملائكة» (١٠٤).
وبعد عرض أقوال علماء الإمامية ؛ تبين لنا عقيدتهم الواضحة في أنّ العلوم والإخبارات الغيبية ، إنما أخذها أئمة أهل البيت عليهم السلام عن جدهم سيد الرسل عن الباري عَزّ وجَلّ ، ولا يستلزم هذا المشاركة في صفاته تعالى ، وهذه العقيدة واضحة البيان في كتابه العزيز في قوله تعالى : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ) [آل عمران / ٤٩]. فلم يقل أحد من المسلمين أنّ عيسى عليه السلام قد شارك الباري عَزّ وجَلّ في صفته الخالقية؟!.
وكذلك قوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) [السجدة / ١١]. فلم يعترض أحد على ملك الموت بأنّه شارك الباري في هذه الصفة أنّه المميت؟!
__________________
(١٠٣) ـ الطبرسي ، الشيخ ابو علي الفضل بن الحسن : مجمع البيان في تفسير القرآن ، ج ٥ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥.
(١٠٤) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٢٦ / ١٠٣.