عقيمة ، وقد تَحوّلت إلى صناعة يُقْصَد بها التدريب على الأخذ والرد لتعطيل قوة الخصم ، لا للوصول للقناعة والحقيقة ، بخلاف الحوار فإنّ الهدف منه هو الوصول للحقيقة.
٢ ـ إنّ لفظ (الحوار) أوسع مدلولاً من لفظ (الجدل والمناظرة) ، حيث يشمل الخصومة وغيرها ، ولذا جاء لفظ (الحوار والجدل) بمعنى واحد ، كما في قوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة / ١].
قال الشيخ الطوسي (قده) في تفسير الآية : «وقد يقال : للمراجعة والمقابلة للمعنى بما يخالفه مجادلة .. ومن قابل المعنى بخلافه طلباً للفائدة فليس بمجادلة ، وقال أيضاً : والتحاور التراجع ؛ وهو المحاورة ، تقول : تحاور تحاوراً ؛ أي راجعه في الكلام» (٢٠٩). إذن ، المحاورة تشمل الجدل والمناظرة.
٢ ـ تاريخ ونشأة الحوار :
الحوار مظهر بارز في القصة ، سواء القرآنية أو النبوية أو غير ذلك ، بل يعتبر جانباً مهماً في القصة ، حيث كان منتشراً فيها بشكل ملحوظ ، وعلى ذلك نرى أنّ موضوع الحوار يرتبط بشخصية الإنسان ، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى : (... وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) [الكهف / ٥٤]. فيمكن الإستفادة من هذه الآية الكريمة ، أنّ صفة الجدل والحوار من الصفات اللازمة للإنسان في طبعه كبقية الصفات التي تميزه عن سائر المخلوقات ، فقد طبع الإنسان على مواجهة الحياة ، بكل ما تحويه من أوضاع وأحداث وملابسات
__________________
(٢٠٩) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : التبيان في تفسير القرآن ، ج ٩ / ٥٤١ ـ ٥٤٢.