قال جدي : رأيت في منامي كلباً أبقع يأكل من لحوم أهل بيتي ويلعق من دمائهم ، وأما أنا فإنّي رقدت الآن فرأيت في منامي كلاباً كثيرة تريد تنهش من لحمي وتشرب من دمي ، وكان فيهم كلب أبقعع وكان أشدهم عليّ جرأة ، وأكثرهم عليّ حنقاً ، وهو أنت يا شمر ، وكان الشمر لعنه الله أبقع الجسد ، قال : فغضب الشمر من كلام الحسين ، وإزداد حنقاً وبغضاً» (٣٢٠).
٢ ـ أمير المؤمنين (عليه السلام) :
عن ابن عباس قال : (كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام في خروجه إلى صفين ، فلما نزل بنينوى ـ وهو بشط الفرات ـ ، قال بأعلى صوته : يا ابن عباس ، أتعرف هذا الموضع؟ قلت له : ما أعرفه يا أمير المؤمنين ، فقال : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال : فبكى طويلاً حتى إخضلت لحيته ، وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معاً وهو يقول : أوه أوه ، مالي ولآل أبي سفيان؟! مالي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر (والطغيان)؟!
صبراً يا أبا عبد الله فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة فصلى ما شاء الله يصلي ؛ ثم ذكر نحو كلامه الأول إلا أنّه نعس عند إنقضاء صلاته وكلامه ساعة ، ثم إنتبه فقال : يا ابن عباس فقلت : ها أنا ذا. فقال : ألا أحدّثك بما رأيت في منامي آنفاً عند رقدتي ، فقلت : نامت عيناك ورأيت خيراً يا أمير المؤمنين. قال : رأيت كأنّي برجال نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلدوا سيوفهم وهي بيض تلمع ، وقد خطوا حول هذه الأرض خطة ، ثم رأيت كأنّ هذه النخيل قد ضربت بأغصانها
__________________
(٣٢٠) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : المنتخب. ج ٢ ، (المجلس السابع ـ الباب الثالث) / ٣٧٩ ـ ٣٨٠.