هذا المعنى عند المنصفين من غيرهم ، ومن الشواهد على ذلك ما يترنم به الشعراء في فلسفتهم للدم الطاهر ، نذكر من ذلك ما يلي :
١ ـ الدكتور الشاعر محمد إقبال (٥٤٣).
عرف الدكتور محمد إقبال بفلسفة الذات ، التي تهدف إلى إدراك الذات وتقويتها بالقرب إلى الله ، بحيث تكون الحياة رقي مستمر ، تسخر كل الصعاب التي تعترض طريقها ، ويرى الحياة في العمل والجهاد ، والموت في الإستكانة والسكون ، وهذا ما نلاحظه في قصائده في تمجيد الشخصيات الإسلامية ، خصوصاً الشهداء منهم ، حيث قال :
ارفعوا الورد والشقائق |
|
اكليل ثناء على ضريح الشهيد |
ذاك لون الدم الذي أنبت |
|
المجد وروّى به حياة الخلود (٥٤٤) |
على الأمم أن لا تنسى عظماءها ـ وخصوصاً الشهداء ـ ولو بإهدائها الورد فوق أضرحتها رمزاً للوفاء ، فإنّهم بذلوا دماءهم ، من أجل عزكم وشرفكم. فكما أنّ الورد يُعطي جمالاً على ضريح الشهيد ، فإنّ الدم يتلألأ
__________________
(٥٤٣) ـ شاعر نابغة وفيلسوف باكستاني مبدع ، وممن شغف بحب الإسلام. ولد في مدينة سيالكوت عام (١٨٧٣ م) الموافق (١٢٨٩ هـ) ، درس في مدارس عالية وكليات شهيرة ، فانتدب لتدريس التاريخ والفلسفة في الكلية الشرقية في لاهور ، ثم اُختير لتدريس الفلسفة واللغة الإنكليزية بكلية الحكومة التي تخرج فيها ، ولبث فيها عشر سنوات. ثم سافر إلى أوروبا بعدما دَوّى صوته في محافل الأدب ، سافر إلى إنكلترا وإلتحق بجامعة كمبردج ، درس الفلسفة ونال درجة فلسفة الأخلاق ، ثم سافر إلى ألمانيا فتعلم الألمانية ، وإلتحق بجامعة مونخ وكتب رسالته (تطور ما وراء الطبيعة في فارس) ، ثم عاد إقبال إلى لندن فدرس القانون ، وحاز إمتحان المحامات ، وإلتحق بمدرسة العلوم السياسية زماناً. ورجع إلى بلاده عام (١٩٠٨ م) حيث عمل بالمحامات ومكث سنيناً عميداً لكلية الدراسات الشرقية ، ورئيساً لقسم الدراسات الفلسفية. وفي اليوم الحادي والعشرين من شهر نيسان سنة (١٩٣٨ م) الموافق لعام (١٣٥٧ هـ) توفي في لاهور.
(٥٤٤) ـ الأعظمي ، محمد حسين : فلسفة إقبال / ٧٣.