فرأى الإمام (عليه السلام) في المنام يقول له (لا أرضى لك أن تخرج من بلادي) فجزم العزم على الإقامة بذلك النادي ، وقت كانت بلدان العراق ـ سيما المشهدين الشريفين ـ مملوءة قبل قدومه من معاشر الأخباريين ، بل ومن جاهليهم والقاصرين ، حتى أنّ الرجل منهم كان إذا أراد حمل كتاب من كتب فقهائنا ـ رضي الله عنهم ـ حمله مع منديل ، وقد أخلى الله البلاد منهم ببركة قدومه ، واهتدى المتحيرة في الأحكام بأنوار علومه ، وبالجملة كل من عاصره من المجتهدين ، فإنّما أخذ من فوائده ، واستفاد من فرائده» (٤٣٩).
٦ ـ الشيخ جعفر التُسْتَرِي (٤٤٠) :
ينقل الشيخ النوري عن الشيخ التستري (ره) : «لما فرغت من تحصيل العلوم الدينية في المشهد الغروي [نسبة إلى الغرب من أرض النجف] ، وآن أوان النشر ووجوب الإنذار .. رجعت إلى وطني ، وقمت بأداء ما كان عليّ من هداية الناس على تفاوت مراتبهم. ولعدم تَضَلُّعِي بالآثار المتعلقة بالمواعظ والمصائب .. كنت مكتفياً بأخذ (تفسير الصافي) بيدي على المنبر والقراءة منه في شهر رمضان والجمعات ، و (روضة الشهداء) للمولي الكاشفي في أيام عاشوراء. ولم أكن ممن يمكنه الإنذار والإبكاء بما أودعه في صدره. إلى أن مضى عليّ عام ، وقرب
__________________
(٤٣٩) ـ الحكيمي ، الشيخ محمد رضا : تاريخ العلماء / ٩٥.
(٤٤٠) ـ الشيخ جعفر ، ابن المولى حسين ، بن الحسن ، بن علي ، بن الحسين النجفي. ولد عام (١٢٢٧ هـ) من أعاظم العلماء وأجلاء الفقهاء المشاهير في عصره ، هاجر إلى النجف وتلمذ على الشيخ صاحب الجواهر ، والشيخ الأنصاري سنيناً ، ثم عاد إلى (تستر) وأصبح مرجعاً للتقليد والفتيا ، وزعيماً مطاعاً للدنيا والدين ، ثم هاجر ثانية إلى النجف الأشرف وتصدى فيها للتدريس والتأليف وامامة الجماعة والخطابة ، وأصبح من كبار المراجع ومشاهير العلماء. إلى أن توفي بمدينة كرند في صفر سنة (١٣٠٣ هـ) ، وحمل جثمانه إلى النجف. عن معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام ، ج ١ / ٣٢١.