فيهودي من اليمن ، ومن أكبر من ترسبت منهم أخبار اليهو إلى المسلمين ، أسلم في خلافة أبي بكر أو عمر على خلاف في ذلك ، وإنتقل بعد إسلامه إلى المدينة ثم إلى الشام ، وقد أخذ عنه أبو هريرة. وعلى الجملة فقد دخل على المسلمين من هؤلاء وأمثالهم في عقيدتهم وعلمهم ، كثير كان له فيهم أثر غير صالح ، وقد أنحى باللوم كثير من العلماء على القصاص والوعاظ ، كما فعل الغزالي في كتابه (إحياء العلوم) ، فقد عَدّ عملهم من منكرات المساجد ، لما كانوا يقترفون من كذب (١٧٨). وقال أبو قلابة : «ما أمات العلم إلا القصاص ، يجلس الرجل إلى القاص السنة ، فلا يتعلم منه شيئاً» (١٧٩). وأخرج العقيلي ، عن عاصم قال : كان ابو عبد الرحمن يقول : إتقوا القصاص (١٨٠). إلى غير ذلك مما قيل في ذمهم والتحذير منهم.
ثالثاً ـ موقف أهل البيت (عليهم السلام) من القصّاص :
إنّ لأهل البيت عليهم السلام موقفاً من القصاص ، وهذا الموقف يمكن دراسته من ناحيتين كما يلي :
الأولى ـ منع القصاص :
قد واجه الأئمة عليهم السلام القصّاص بصرامة وحزم في بعض الأحيان ، وأعلنوا للناس زيف تلك الأباطيل ، بل تَمّ معاقبة بعضهم ، وخصوصاً في عهد أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن النماذج على ذلك ما يلي :
__________________
(١٧٨) ـ أمين ، أحمد : فجر الاسلام / ١٦٠ ـ ١٦١ «بتصرف».
(١٧٩) ـ الزمخشري ، محمود بن عمر : ربيع الأبرار ، ج ٣ / ٥٨٨.
(١٨٠) ـ أبو ررية ، محمود : أضواء على السنة المحمدية / ٩٧.