وهذا مجرد إستبعاد عقلي ، فإنّا لما قام لنا الدليل على ذلك ، وجب علينا القول به ، وبيان كيفية ذلك غير واجب علينا ، فإنّ ذواتهم المقدسة عليها مسحة من الذات الإلهية التي تاهت في بيداء معرفتها العقول ، وضلت في الوصول إلى حقيقتها ألباب الفحول ، ونورهم الذي خلقوا منه منشعب من نور ذاته السبحانية ، ومشتق من لوامع تلك البروق الصمدانية ، ولذا ورد في الخبر عنه صلى الله عليه وآله وسلم : (يا علي ، ما عرف الله إلا أنا وأنت ، ولا عرفني إلا الله وأنت ، ولا عرفك إلا الله وأنا) (٣٠٤) ، وهذه المعرفة جارية فيهما وفي أبنائهما المعصومين ، صلوات الله عليهم أجمعين. وحينئذ ، فلا مطمع للوقوف على كنه حقائقهم وذواتهم المقدسة كسائر الأنام ، وقياسهم على غيرهم من البشر في أمثال هذه الأحكام ، ومن نظر إلى عباداتهم وأذكارهم وتسبيحهم في عالم الأرواح ؛ علم أنّه لا مساح له عما ذكرنا ولا براح» (٣٠٥).
ثالثاً ـ حجية رؤيا المعصوم (عليهم السلام) :
إذا رؤي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أحد المعصومين عليهم السلام في عالم الرؤيا ، وأمر بأمر أو نهى عنه ، هل يجب الإلتزام به أم لا؟
قبل الإجابة على هذا السؤال ، ينبغي الإشارة إلى ما ذكره الشيخ المفيد فيما يرتبط بهذا البحث حيث قال : «فأما منامات الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ فلا تكون إلا صادقة ، وهي وحي في الحقيقة ، ومنامات الأئمة ـ عليهم
__________________
(٣٠٤) ـ النمازي ، الشيخ علي : مستدرك سفينة البحار ، ج ٧ / ١٨٢.
(٣٠٥) ـ البحراني ، الشيخ يوسف : الدرر النجفية ، ج ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨١.