فإنّه أمن لأهل المدينة أو القرية ممّا يخافون ويحذرون ، وبلوغ لما يأملون ويرجون ، فإنّ ترتب هذه الأمور على مجرد وجود الصورة في الحسن المشترك ونحوه بعيد غاية البعد.
وأما ثانياً ـ فلما تقدم من أنّ الرؤيا الصادقة عبارة عما تراه الروح بعد خروجها من الجسد حال النوم وصعودها إلى الملكوت ، فكل ما رأته فهو حق ، وهذا القائل قد إعترف بذلك في الكتاب المشار إليه ، فما المانع من أن تتصل بأحد منهم ـ صلوات الله عليهم ـ وهم في ذلك العالم بلا ريب ، ولما ورد في الأخبار من أنهم ـ صلوات الله عليهم ـ ينتقلون بعد الدفن بأجسادهم الشريفة إلى السماء ، وأنّ الزائر إنما يزور مواضع قبورهم ، فهم أحياء في السماء منعّمون كما كانوا في الدنيا ، فأي مانع من إتصال الروح لهم هناك حينئذ؟
وأما ثالثاً ـ فلا ريب أنّ الأخبار قد إستفاضت بأنّه ما من ميت يموت في شرق الأرض ولا غربها إلا ويرى حال موته النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام وليست هذه الرؤية بحاسة البصر ؛ لشمول ذلك للأعمى ومن تعطّل بصره في تلك الحال ، بل الرؤية حال النوم على حسب تلك الرؤية حال الموت ، ولا أظن هذا القائل يلتزم التجوز في رؤيتهما ـ صلوات الله عليهما ـ حال الموت ، لإستفاضة الأخبار وصحتها وصراحتها بكون الرؤية حقيقة.
غاية الأمر أنّ في المقام إشكالاً مذكوراً في محله من أنّه : كيف يمكن القول بحضورهم عليهم السلام على جهة الحقيقة مع جواز أن يموت في ساعة واحدة ألوف من الناس في أطراف الأرض من شرقها وغربها وشمالها وجنوبها؟