بسم الله الرحمن الرحيم
اَلحَمْدُ لله رَبِّ الْعالَمينَ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى مُحَمَّد وآلهِ الطَّاهِرينَ ، وبعد.
الموضوع ودوافع إختياره :
واقعة كربلاء من الوقائع التي لا تضاهيها أي واقعة أخرى في تاريخ البشرية ، فقد أبرزت بطولات كربلاء شرف التضحية على نحو باهر وجليل ، حتى لنكاد نحسب أنّ الأقدار إنما أرادت ذلك اليوم بكل أهواله وتضحياته ، لتؤكد شرف التضحية في وعي البشرية كلها ، ولتضيء بمغزاه العظيم ضمير الحياة ، من أجل ذلك إختارت لها في يوم كربلاء نماذج رفيعة بالغة الرفعة ، وقضية عادلة بالغة العدالة ، إذن هي شرف الإنسان وشرف الحياة ، ومن ثَمّ فالناس يخطئون عندما يقفون أمام شكل التضحية وما يصاحبها من ألم وفاجعة ، ثم لا يتجاوزون هذا الشكل إلى جوهر التضحية حيث العظمة والجلال ، ومن شاء فلينظر فهؤلاء نفر من أكرم الخلق ، وأتقى الناس. تُمزّق أجسادهم بسيوف الباغين ، ثم تنحر رؤوسهم وتغرس في أسنة الرماح ، فهل إنتفض ذلك مثقال ذرة من شرف التضحية وعظمتها! إنّ الأجساد بمجرد إلقائها النفس الأخير يزايلها الإحساس بالألم ثم تنال الأرواح مكانها العالي عند الله بقدر بلائها وتضحياتها ، كما تنال مكانها العالي في ضمير التاريخ بقدر بذلها وعطائها.