وأما رابعاً ـ فلما ورد بأسانيد متعددة عن الصادق عليه السلام ، في أحاديث الأذان : (إنّ الله تبارك وتعالى ، أعَزّ من أن يرى في النوم) (٣١١) ...» (٣١٢) أقول : بعد ذكر ما تعرّض له العلماء من آراء حول الموضوع ، يتضح لنا أنّ إختلاف الرؤى والمنامات في تلقي الأحكام من المعصومين عليهم السلام ، أشكل الأمر على العلماء في الإعتماد على حجية الرؤيا وجعلها دليلاً شرعياً يجب العمل به ؛ إذ ليس له قاعدة كليه يجب إطرادها ، وذلك لأ نّ ما يرى في المنام قد يحتاج إلى تعبير وتأويل ، فلعلّ ما رآه مما له تعبير وهو لا يعرفه ، فكيف يمكن الإعتماد على ذلك في مقام التشريع؟ وبعد هذا البيان بقي في البحث العنوان التالي :
رؤيا المتخالفين في المذهب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
إنّ المتخالفين في المذهب والمعتقد قد يرى كل منهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم ويخبر كل واحد منهما عنه صلى الله عليه وآله وسلم بضد ما يخبر به الآخر ، فكيف يكون رائياً له في الحقيقة مع هذه الإختلاف ، وقد ورد في الحديث المتقدم : (من رآني ؛ فقد رآني)؟
يتضح لنا جواب هذا السؤال من خلال ما ذكره العلماء حول هذا الموضوع ، ولعل أهم ذلك ما يلي :
الشيخ المفيد :
«إنّ من المنامات التي يتخيل للإنسان أنّه قد رأى فيها رسول الله والأئمة (صلوات الله عليهم) ، منها ما هو حق ومنها ما هو باطل ، أنك ترى المتخالفين
__________________
(٣١١) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ج ٧٩ / ٢٣٧.
(٣١٢) ـ البحراني ، الشيخ يوسف : الدرر النجفية ، ج ٢ / ٢٨٤.