الأدلة لظهور أرجحها ، وهو محمود إن كان للوقوف على الحق ، وإلا فمذموم» (٢٠٥).
وفي إصطلاح المناطقة عَبّر عنه الشيخ محمد رضا المظفر بقوله : «صناعة علمية يُقتدر معها ـ حسب الإمكان ـ على إقامة الحجة من المقدمات المسلمة على أي مطلوب يراد ، وعلى محافظة أي وضع يتفق (٢٠٦) ، على وجه لا تتوجه عليه مناقضة. وإنما قُيّد التعريف بعبارة (حسب الإمكان) ، فلأجل التنبيه على أنّ عجز المجادل عن تحصيل بعض المطالب لا يقدح في كونه صاحب صناعة ، كعجز الطبيب مثلاً عن مداواة بعض الأمراض ، فإنّه لا ينفي كونه طبيباً» (٢٠٧).
والمناظرة : «هي المحاورة بين فريقين حول موضوع لكل منهما وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر الفريق الآخر ، فهو يحاول إثبات وجهة نظره وإبطال وجهة نظر خصمه ، مع رغبته الصادقة بظهور الحق والإعتراف به لدى ظهوره» (٢٠٨).
وبعد عرض هذه المعاني الثلاثة للحوار والجدل والمناظرة ، نخرج بالنتيجة التالية :
١ ـ إنّ لفظ (الحوار) ينسجم مع بحثنا أكثر من لفظ (الجدل والمناظرة) ؛ إذ أنّ الجدل وإن كان أكثر إستعمالاً في القرآن الكريم ـ حيث ورد في سبعة وعشرين موضعاً ، والحوار في ثلاثة مواضضع ـ ، إلا أنّ الغالب في إستعمال لفظ (الجدل) في النزاع والخصومة الفكرية ، وما يترتب على ذلك من نتيجة
__________________
(٢٠٥) ـ الفيومي ، احمد بن محمد : المصباح المنير ، ج ١ / ٩٣.
(٢٠٦) ـ الوضع : هو الدعوى التي يراد إثباتها أو إبطالها.
(٢٠٧) ـ المظفر ، الشيخ محمد رضا : المنطق / ٣٧٥.
(٢٠٨) ـ الميداني ، عبد الرحمن حسن : ضوابط المعرفة / ٣٨١.