وفي المسجد مكان يسمى السدة ، فسلم ثم قال : هل تسمعون يا أهل السدة؟ فقالوا : سمعنا وأطعنا فقال : هل تبلغون؟ قالوا : ضمنا ذلك لك يا رسول الله ، فقال : رسول الله يخبركم ان الله خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما وذلك قوله : «أصحاب اليمين وأصحاب الشمال» فأنا من أصحاب اليمين ، وأنا خير [من] أصحاب اليمين ، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني من خيرهما أثلاثا ، وذلك قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) فأنا من السابقين وانا خير السابقين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
١٥ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن الحسن القمى عن إدريس بن عبد الله عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن تفسير هذه الاية : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) قال : عنى بها لم نك من اتباع الائمة الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة مصلى (١) فذلك الذي عنى حديث قال : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) لم نك من اتباع السابقين.
١٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : ان الايمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال : نعم قلت : صفه لي رحمك الله حتى أفهمه ، قال : ان الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان ثم فضلهم على درجات في السبق اليه ، فجعل كل امرء منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه ، ولا يتقدم مسبوق سابقا ومفضول فاضلا ، تفاضل بذلك أوائل هذه الامة وأواخرها ، ولو لم يكن للسابق الى الايمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الامة أولها ، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق الى الايمان الفضل على من أبطأ عنه ؛ ولكن بدرجات الايمان قدم الله السابقين ، وبالإبطاء عن الايمان أخر الله المقصرين ، لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلوة وصوما
__________________
(١) الحلبة : الخيل تجمع للسباق.