٦١ ـ في مجمع البيان (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) اى جماعة من الأمم الماضية التي كانت قبل هذه الامة وجماعة من مؤمني هذه الامة ، وهذا قول مقاتل وعطا وجماعة من المفسرين ، وذهب جماعة منهم الى أن الثلتين ، جميعا من هذه الامة ، وهو قول مجاهد والضحاك واختاره الزجاج ، وروى ذلك مرفوعا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآله انه قال : جميع الثلتين من أمتي ، ومما يؤيد القول الاول ويعضده من طريق الرواية ما رواه نقلة الاخبار بالإسناد عن ابن مسعود قال : تحدثنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة حتى أكثرنا الحديث ثم رجعنا الى أهلنا فلما أصبحنا غدونا الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : عرضت على الأنبياء الليلة بأتباعها من أممها فكان النبي يجيء معه الثلة من أمته والنبي معه العصابة من أمته والنبي معه النفس من أمته ، والنبي معه الرجل من أمته ، والنبي ما معه من أمته أحد حتى أتى أخى موسى في كبكبة من بنى إسرائيل ، فلما رأيتهم أعجبونى فقلت : اى رب من هؤلاء؟ فقال : أخوك موسى بن عمران ومن معه من بنى إسرائيل فقلت : رب فأين أمتي؟ فقال : انظر عن يمينك فاذا ظراب مكة (١) قد سدت بوجوه الرجال فقلت : من هؤلاء فقيل : هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت : رب رضيت فقيل : ان مع هؤلاء سبعين ألفا من أمتك يدخلون الجنة لا حساب عليهم ، قال : فأنشأ عكاشة بن محصن من بنى أسد بن خزيمة فقال : يا نبي الله ادع ربك ان يجعلني منهم ، فقال : اللهم اجعله منهم ، ثم انشأ رجل آخر فقال : يا نبي الله ادع ربك ان يجعلني منهم ، فقال : سبقك بها عكاشة ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فداكم ابى وأمي ان استطعتم ان تكونوا من السبعين فكونوا ، وان عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب ، فان عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق ، وانى قد رأيت ثم ناسا كثيرا يتهاوشون (٢) كثيرا فقلت : هؤلاء السبعون ألفا فاتفق رأينا على انهم ناس ولدوا
__________________
(١) ظراب جمع ظرب ـ ككتف ـ الجبال المنبسطة على الأرض وقيل : الروابي الصغار.
(٢) تهاوش القوم : اختلطوا.