منه قال : فعلوا به الجبل فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعون وجاء الى الملك فقال : ما صنع أصحابك؟ فقال : كفانيهم الله فأرسل به مرة اخرى قال : انطلقوا به فلججوه في البحر ، فان رجع والا فأغرقوه فانطلقوا به في قرقور (١) فلما توسطوا به البحر قال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فانكفأت (٢) بهم السفينة وجاء حتى قام بين يدي الملك فقال : ما صنع أصحابك؟ فقال : كفانيهم الله ، ثم قال : انك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به أجمع الناس ثم اصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضعه على كبد القوس ، ثم قل : باسم رب الغلام فانك ستقتلني ، قال فجمع الناس وصلبه ثم أخذ سهما من كنانته فوضعه على كبد القوس وقال : باسم رب الغلام ورمى فوقع السهم في صدغه (٣) ومات. فقال الناس : آمنا برب الغلام ، فقيل له : أرأيت ما كنت تخاف قد نزل والله بك من الناس ، فأمر بالأخدود فخددت على أفواه السكك ثم أضرمها نارا فقال من رجع عن دينه فدعوه ، ومن أبى فاقحموه فيها فجعلوا يقتحمونها ، وجاءت امرأة بابن لها فقال لها : يا امة اصبري فانك على الحق.
قال ابن المسيب كنا عند عمر بن الخطاب إذ ورد عليه انهم احتفروا فوجدوا ذلك الغلام وهو واضع يده على صدغه ، فكلما مدت يده عادت الى صدغه ، فكتب عمر : واروه حيث وجدتموه.
٢٦ ـ وروى سعيد بن جبير قال : لما انهزم أهل إسفندهان قال عمر بن الخطاب : ما هم يهود ولا نصارى ولا لهم كتاب وكانوا مجوسا ، فقال على بن ابى طالب عليهالسلام : بلى قد كان لهم كتاب رفع ، وذلك ان ملكا لهم سكر فوقع على ابنته ـ أو قال : على أخته ـ فلما أفاق قال لها : كيف المخرج مما وقعت فيه؟ قال : تجمع أهل مملكتك وتخبرهم انك ترى نكاح البنات وتأمرهم أن يحلوه ، فجمعهم فأخبرهم فأبوا
__________________
(١) القرقور ـ بالضم ـ : السفينة الطويلة.
(٢) اى فانقلبت.
(٣) الصدغ ـ بضم الصاد ـ ما بين العين والاذن.