(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) قال : فبلغ من جهلهم انهم استحلوا قتل النبيصلىاللهعليهوآله وعظموا أيام الشهر حيث يقسمون به فينقضون.
٥ ـ على بن إبراهيم عن إسماعيل بن مهران عن يونس عن بعض أصحابنا قال : سألته عن قول الله عزوجل (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) قال : عظم اثم من يحلف بها ، قال : وكان أهل الجاهلية يعظمون الحرم ولا يقسمون به ويستحلون حرمة الله فيه ، ولا يعرضون لمن كان فيه ولا يخرجون منه دابة ، فقال الله تبارك وتعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) قال : يعظمون البلدان يحلفون به ويستحلون فيه حرمة رسول اللهصلىاللهعليهوآله.
٦ ـ في مجمع البيان (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) اجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) تشرف من حل به من الرسول الداعي الى توحيده وإخلاص عبادته ، وقيل معناه وأنت محل بهذا البلد وهو ضد المحرم ، والمراد أنت حلال لك قتل من رأيت من الكفار ، وذلك حين امر بالقتال يوم فتح مكة فأحلها الله له حتى قاتل وقتل وقد قال صلىاللهعليهوآله : لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لا حد بعدي ولم تحل لي الا ساعة من نهار ، عن ابن عباس ومجاهد وعطا وهذا وعد من الله لنبيه صلىاللهعليهوآله أن يحل له مكة حتى يقاتل فيها ويفتحها على يده ويكون بها يصنع بها ما يريد من القتل والأسر ، وقد فعل سبحانه ذلك فدخلها غلبة وكرها وقتل ابن أخطل وهو متعلق بأستار الكعبة ، ومقيس بن صبابة (١) وغيرهما وقيل : معناه : لا اقسم بهذا البلد وأنت حلال منتهك الحرمة مستباح العرض لا تحترم فلا يبقى للبلد حرمة حيث هتكت عن ابى مسلم وهو المروي عن ابى عبد الله عليهالسلام قال كانت قريش تعظم البلد وتستحل محمدا فيه ، فقال : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) يريد انهم استحلوك فيه وكذبوك وشتموك ، وكانوا لا يأخذ الرجل منهم فيه قاتل أبيه ويتقلدون لحاء شجر الحرم فيأمنون بتقليدهم إياه فاستحلوا
__________________
(١) وفي المصدر «سبابة» بالسين لكن الظاهر الموافق للسيرة لابن هشام وغيره هو المختار.