معه من المهاجرين والأنصار في أحسن عدة وأحسن هيئة يسير بهم سيرا رفيقا حتى انتهوا الى أهل وادي اليابس ، فلما بلغ القوم نزول القوم عليهم ونزل ابو بكر وأصحابه قريبا منهم خرج إليهم من أهل وادي اليابس مأتا رجل مدحجين بالسلاح (١) فلما صادفوهم قالوا لهم : من أنتم ومن اين أقبلتم واين تريدون ليخرج إلينا صاحبكم حتى نكلمه ، فخرج إليهم ابو بكر في نفر من أصحابه المسلمين ، فقال لهم : أنا أبو بكر صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قالوا : ما أقدمك علينا؟ قال : أمرني صلىاللهعليهوآله ان اعرض عليكم الإسلام وان تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون ولكم ما لهم وعليكم ما عليهم والا فالحرب بيننا وبينكم ، قالوا له : واللات والعزى لو لا رحم ماسة وقرابة قريبة لقتلناك وجميع أصحابك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم ، فارجع أنت ومن معك واربحوا العافية ، فانا انما نريد صاحبكم بعينه وأخاه على بن أبي طالب ، فقال ابو بكر لأصحابه : يا قوم القوم أكثر منكم أضعافا وأعد منكم وقد نأت داركم عن إخوانكم من المسلمين فارجعوا نعلم رسول الله بحال القوم ، فقالوا له جميعا : خالفت يا أبا بكر رسول الله صلىاللهعليهوآله وما أمرك به فاتق الله وواقع القوم ولا تخالف قول رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، فانصرف وانصرف الناس أجمعون.
فأخبر النبي صلىاللهعليهوآله بمقالة القوم له وما رد عليهم ابو بكر فقال صلىاللهعليهوآله : يا با بكر خالفت أمري ولم تفعل ما امرتك وكنت لي والله عاصيا فيما امرتك ، فقام النبيصلىاللهعليهوآله وصعد المنبر وحمد الله واثنى عليه ثم قال : يا معشر المسلمين انى أمرت أبا بكر ان يسير الى أهل وادي اليابس وان يعرض عليهم الإسلام ويدعوهم الى الله فان أجابوا والا واقعهم وانه سار إليهم وخرج منهم مأتا رجل ، فلما سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم وترك قولي ولم يطع أمري ، وان جبرئيل أمرني عن الله ان أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه في اربعة آلاف فارس ، فسر يا عمر على اسم الله ولا تعمل كما عمل ابو بكر أخوك فانه قد عصا الله وعصاني وامره بما امر به
__________________
(١) المدحج : الشاك في السلاح.