الباقر عن آبائه عليهمالسلام ان أهل البصرة كتبوا الى الحسين بن على عليهالسلام يسألونه عن الصمد فكتب إليهم : بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فلا تخوضوا في القرآن ولا تجادلوا فيه ولا تتكلموا فيه بغير علم فقد سمعت جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ، وان الله سبحانه قد فسر الصمد فقال : (اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) ، ثم فسره فقال : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) وستسمع تمام هذا الخبر عند قوله (لَمْ يَلِدْ) إلخ ان شاء الله تعالى.
٧١ ـ قال وهب بن وهب القرشي سمعت الصادق عليهالسلام يقول : قدم وفد من أهل فلسطين على الباقر عليهالسلام فسألوه عن مسائل فأجابهم ، ثم سئلوه عن الصمد؟ فقال : تفسيره فيه الصمد خمسة أحرف ، فالالف دليل على انيته ، وهو قوله عزوجل : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وذلك تنبيه واشارة الى الغايب عن درك الحواس ، واللام دليل على إلهيته ، بأنه هو الله ، والالف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان ، ولا يقعان في السمع ، ويظهر ان في الكتابة ودليلان على ان إلهيته لطيفة خافية لا يدرك بالحواس ، ولا يقع في لسان واصف ، ولا اذن سامع. لان تفسير الا له هو الذي اله الخلق عن درك ماهيته وكيفيته بحس أو بوهم ، لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواس ، وانما يظهر ذلك عند الكتابة ، فهو دليل على ان الله سبحانه أظهر ربوبيته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة ، فاذا نظر عبد الى نفسه لم ير روحه ، كما ان لام الصمد لا تبين ولا تدخل في حاسة من الحواس الخمس ، فاذا نظر الى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف ، فمتى تفكر العبد في ماهية الباري وكيفيته اله فيه وتحير ولم تحط فكرته بشيء يتصور له ، لأنه عزوجل خالق الصور ، فاذا نظر الى خلقه ثبت له انه عزوجل خالقهم ومركب أرواحهم في أجسادهم ، واما الصاد فدليل على انه عزوجل صادق وقوله صدق وكلامه صدق ؛ ودعا عباده الى اتباع الصدق بالصدق ووعد بالصدق دار الصدق ، واما الميم فدليل على ملكه وانه الملك الحق لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه ؛ واما الدال فدليل على دوام ملكه وانه عزوجل دائم تعالى عن الكون والزوال ، بل هو الله عزوجل مكون الكائنات الذي كان بتكوينه كل كائن.